الثلاثاء، 23 يناير 2018

الشكر لله على النعم الظاهرة والباطنة

  1. (الشكر لله على النعم الظاهرة والباطنة)
    (خطبة الجمعة - بنها - مسجد عبدالمنعم رياض - 6 من ربيع الأول 1434 هـ 18/1/2013م)
    --------------------------------------------------------------------------------------------
    الحمد لله رب العالمين، نحمدك الله ونشكرك على نعمك الوافرة، وآلائك الباهرة، حمداً يوافى نعمك ويكافئ مزيدك
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده له لا شريك له، نعمه لنا وفينا وعلينا لا تُعد ولا تُحد،
    وآلاؤه التي بسطها إلينا ظاهرة وباطنة لا يحيط ببعضها أحد:
    (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا)
    (34 - إبراهيم)
    وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، النعمة التامة التي أسبغها الله عزَّ وجلَّ علينا أجمعين،
    والهداية الخاصة التي خصّنا الله بها نحن عباده المؤمنين،
    والرحمة العُظمى الكاملة للأولين والآخرين وللخلق أجمعين في الدنيا ويوم الدين
    اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد الذي جعلته لنا في الدنيا أسوة طيبة وقدوة حسنة،
    وجعلته في الآخرة شفيعاً لنا وللخلق أجمعين،
    صلِّ اللهم وبارك عليه ووفقنا للهدى القويم الذي جاء به، واسلك بنا على الصراط المستقيم الذي بعثته من أجله،
    واحشرنا يوم القيامة أجمعين تحت لواء شفاعته، واجعلنا في الجنة من أهل جواره أجمعين
    آمين .. آمين يا رب العالمين.
    أما بعد فيا أيها الإخوة جماعة المؤمنين:
    علَّمنا دِينُنَا الحنيف، وشرعُنا الكريم، ونبيُّنا الرءوف الرحيم صلوات ربى وتسليماته عليه
    أن من أسدى إلينا معروفا أو قدَّم لنا جميلاً، أو آتانا بهدية، لا بد وأن نشكره على هذا العطاء - ولو بالدعاء،
    قال صلى الله عليه وسلم في ذلك:
    { مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ }
    (سنن أبي داود والنسائي ومسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر )
    وقال رب العزّة عزَّ وجلَّ - مبيناً عدم رضاءه عن الجاحدين الذين لا يشكرون الخلق على ما قدموه من أجلهم
    من نعمٍ أوخدمات أو برٍ أو معروف:
    { لَمْ تَشْكُرْنِي إِذْ لَمْ تَشْكُرْ مَنْ أَجْرَيْتُ ذَلِكَ عَلَى يَدَيْهِ}
    (الطبراني عن عائشة رضي الله عنها)
    وقال تعالى:
    (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)
    (14- لقمان)
    فالخالق هو الله، لكن السبب في الإيجاد هما الوالدين، ولذا أمرنا الله أن نشكر لله،
    ونشكر للسبب الذي به أوجدنا في هذه الحياة،
    فنشكر الله لأنه مُسبب الأسباب، ونشكر الأسباب لأنها السبب المباشر الذي على يديه أكرمنا الكريم الوهاب عزَّ وجلَّ.
    وإذا كان الله عزَّ وجلَّ قدَّم لنا نعماً لا تُعد ولاتُحد، نعماً لا نستطيع حصرها
    السمع، والبصر، والنطق، والحياة، والقوة، والعلم، والإرادة، ونعم لا تُعد في الإنسان!! يقول لنا فيها الرحمن:
    (وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ)
    (21-الذاريات)
    وجعل لنا نعماً حولنا في الأكوان، وفي السماوات وما فيها من نجوم وكواكب سيارات،
    وملائكة يجعلهم الله في خدمتنا في كل الأوقات، والأرض وما عليها من أصناف النبات وأنواع الحيوانات،
    والبحار وما فيها من خيرات، وباطن الأرض وما فيه من معادن لا يعلمها إلا الخالق عزَّ وجلَّ،
    غير الشمس والهواء وغيرها من النعم التي يعجز الإنسان عن عدِّها وحصرها،
    وفيها يقول الله عزَّ وجلَّ:
    (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)
    (53- فصلت)
    النعم التي فينا، والنعم التي لنا، والنعم التي حولنا كلها نعمٌ ظاهرة، يتمتع بها المؤمن وغير المؤمن،
    والكافر والمشرك والجاحد يتمتع بكل هذه الخيرات، ويحظى بكل هذه المبرات،
    لكن أهل الإيمان جعل الله لهم نعماً باطنة أعلى وأعظم في المقدار من كل ما أشار إليه الواحد القهار!!!
    وهي نعمة الإيمان، ونعمة الهداية، ونعمة العناية الإلهية بإختيارنا مسلمين،
    ونعمة التوفيق لنا بطاعته في كل وقت وحين، ونعمة حفظنا من المعاصي والفتن،
    ونعمة رعايتنا في هذه الحياة، ونعمة القرآن وهى أعلى النعم عند حضرة الرحمن.
    وسبب كل هذه النعم الباطنة كلها هو النبي الكريم والرءوف الرحيم الذي على يديه فزنا وحظينا بهذا التكريم
    ولذا يقول الإمام الشافعى رضي الله عنه:
    (أصبحنا وما بنا من نعمة ظاهرة أو باطنة، إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم سببها وهو الذي أوصلها إلينا)
    وهو الذي قال لنا فيه الله:
    (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا)
    (34- إبراهيم)
    لم يقل: (وإن تعدوا نعم الله)، ولكنه قال: (نِعْمَتَ اللّهِ) نعمة واحدة!!!
    وهى نعمة من حضرة الألوهية، أما النعم الظاهرة فهي من حضرة الربوبية التي تغمر الخلق أجمعين
    بيَّن الله هذه النعمة فقال:
    (وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)
    (103- آل عمران)
    النعمة التي ألَّفت بين القلوب، والتي طهَّر الله بها القلوب،
    والتي ملأت القلوب بالإيمان، والحياء والإستحياء، والخوف ومراقبة علام الغيوب،
    والتي أنزلت على قلوبنا كلام الله عزَّ وجلَّ وتلته على أسماعنا فآمنا به وزدنا إيماناً بمُنَزِّله عزَّ وجلَّ.
    وهو الذي عرَّفنا بالله، وعرَّفنا بالغيوب، عرَّفنا بالجنة، وعرَّفنا بالنار، وعرَّفنا بملكوت السماوات والأرض،
    وعرَّفنا بما ينبغى لنا معرفته ليتحقق فينا ومنا صريح الإيمان
    هذه النعمة هي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
    كيف نشكر الله عزَّ وجلَّ على نعمه؟!!
    أما النعم التي فينا: فشكره عليها هي الصلوات الخمس،
    فنشكر الله على ما فينا من سمع وبصر وقلب وأعضاء
    بأن نُسخِّر هذه الأعضاء لتركع وتسجد بين يدى الخالق في اليوم خمس مرات شكراً لله على هذه النعمة،
    وهي نعمة الحياة ونعمة هذه الأعضاء.
    وأما النعم التي في الأكوان: فشكرها بأننا نُعطي للمستحقين إذا وسَّع الله علينا في الخيرات،
    فننفق مما آتانا الله، ونعطي الفقراء الذين جعلهم الله عزَّ وجلَّ اختباراً لنا في هذه الحياة،
    اختبرنا بالغنى واختبرهم بالفقر، لينظر إلى الغني ماذا يصنع تجاه الفقير،
    وينظر للفقير كيف حاله عند قضاء الله له بالأرزاق، هل يرضى بما قضى الله ويشكره ويستزيده من عنده؟
    أم يلجأ إلى الحيل الشيطانية والأوهام النفسانية ويخالف الشريعة الإلهية فيستحق العذاب من الله عزَّ وجلَّ؟
    لكن كيف نشكر الله على أهم وأجل نعمة وهي نعمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!!!
    وقد قال صلوات ربى وتسليماته عليه:
    { أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ خُرُوجًا إِذَا بُعِثُوا، وَأَنَا خَطِيبُهُمْ إِذَا وَفَدُوا، وَأَنَا مُبَشِّرُهُمْ إِذَا أَيِسُوا،
    لِوَاءُ الْحَمْدِ يَوْمَئِذٍ بِيَدِي، وَأَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي وَلا فَخْر }
    (سنن الترمذي والدارمي ومسند الإمام أحمد عن أنس)
    أو كما قال:
    { ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة }
    ------------------------------------
    يتبع إن شاء الله
  2. #15
    عضو مسجل
    تاريخ التسجيل
    Oct 2011
    الدولة
    بورسعيد - مصر
    المشاركات
    1,597
    تابع: (الشكر لله على النعم الظاهرة والباطنة)
    -----------------------------------
    الخطبة الثانية
    ------------------
    الحمد لله رب العالمين الذي أكرمنا وكرَّمنا وجعلنا من عباده المكرمين
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة يهتز بها وجدان القلب، ويلهج بها اللسان في كل وقت وحين
    وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله الصادق الوعد الأمين
    اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وحُفَّنا برحمته، واجعلنا دائماً سالكين في طريق هدايته
    واحشرنا يوم القيامة في زمرته، واجعلنا ممن يحظى بشربة هنيئة من حوضه
    ويفوز بالشفاعة منه عند ربه، ويحظى بالسكون في جواره
    والسكن في جواره في جنة الخلد عند ربِّه
    آمين .. آمين يارب العالمين.
    أيها الإخوة جماعة المؤمنين:
    ينبغي لكل عبد مؤمن في هذه الأيام أن يشكر الله على بعثة نبي الختام،
    وهذا الأمر لا نستطيع سرده ولا عدَّ بنوده، ولكن يكفينا على قدرنا روشتة سهلة لجميعنا،
    • إما أن نشكره كما شكر هو الله عزَّ وجلَّ على بعثته ورسالته،
    فكان يشكر الله كل أسبوع على بعثته، فكان صلى الله عليه وسلم يصوم يوم الاثنين من كل أسبوع،
    ولما سُئل في ذلك، فقال صوات ربى وتسليمه عليه:
    {ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ}
    (رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة)
    يشكر الله عزَّ وجلَّ على إيجاده في الأكوان، وعلى إختياره نبياً لخير أمة في آخر الزمان
    بصيام يوم الاثنين من كل أسبوعٍ لله عزَّ وجلَّ
    فمن فعل ذلك وصام يوماً بنية الشكر لله على بعثة رسول الله ، دخل في قول الله جلّ في عُلاه:
    (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ)
    (7- إبراهيم)
    فيكون من الشاكرين الذين لهم مزيدٌ من الهداية، ومزيدٌ من النور، ومزيدٌ من التوفيق،
    ومزيدٌ من الرعاية من ربِّ العالمين في الدنيا، ومزيدٌ من الفوز والنجاح والفلاح في الدار الآخرة.
    • أو يشكر الله عزَّ وجلَّ على بعثة رسول الله كما أمرنا الله،
    فإن الله أمرنا في كتاب الله أن نشكره على بعثة هذا النبي،
    وبيَّن لنا بأبلغ بيان في القرآن أن النبيَّ لا يحتاج إلى هذا الشكر منا، لأن الله أغناه بما يفيئه عليه،
    وبما وظفَّ الملائكة في العمل النافع له لديه، فقال عز شأنه:
    (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ)
    ومادام الله يصلي عليه فهل يحتاج إلى صلاة الخلق؟
    لكن الله والملائكة يصلون عليه، ثم قال الحق آمراً لنا عزَّ وجلَّ حرصاً علينا ولنفعنا ورفعنا:
    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)
    (56- الأحزاب)
    أمرنا أن نصلي عليه صلوات ربّى وتسليماته عليه،
    وإذا كان أى إنسان مهما كانت تقواه وقربه من الله لن يدخل الجنة بعمله،
    لن يدخل الجنة إلا بعفو الله، وبرحمة الله، وبشفاعة رسول الله ، لقوله صلى الله عليه وسلم:
    {لا يَدْخُلُ أَحَدُكُمْ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ، قَالُوا: وَلا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلا أَنَا، إِلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ، وَفَضْلٍ}
    (البخاري ومسلم وسنن ابن ماجة عن أبي هريرة)
    لأن العمل يحتاج إلى القبول، وكلنا يجهل عاقبة الأعمال، هل تقبلها الله منا أو ردّها؟ مع أننا نُحسن الظن بالله عزَّ وجلَّ ..
    لكن الذي نحتاج إليه على اليقين هو شفاعة سيد الأولين والآخرين، لأن الله قال له - وأعلمنا بذلك في كتابه المبين:
    (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)
    (5- الضحى)
    سيُعطيه الله ما يتمناه، وما يطلبه، وما يريده من الله حتى يلقاه، حتى قال سيدنا جعفر الصادق رضي الله عنه:
    ولن يرضى صلوات ربّى وتسليماته عليه وواحدٌ من أمته في النار)
    يظلّ يشفع له حتى ينقذه من النار!!!
    = فنحتاج إلى الشفاعة ... وما العربون الذي ندفعه لهذه الشفاعة، لكى نحظى بهذه الدرجة الكريمة ونكون من أهل هذه الطاعة؟
    قال صلى الله عليه وسلم:
    {مَنْ صَلَّى عَلَيَّ حِينَ يُصْبِحُ عَشْراًً وَحِينَ يُمْسِي عَشْرًا أَدْرَكَتْهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
    (الطبراني في الكبير عن أبي الدرداء)
    أمرٌ سهلٌ ويسير ... وهو أن يصلى الإنسان على سيد الخلق عشراً صباحاً وعشراً مساءاً،
    ولا تحتاج إلى مسجد، ولا تحتاج إلى وضوء، ولا تحتاج إلى الإتجاه إلى القبلة، يستطيع الإنسان أن يصليها في أى زمان ومكان،
    المهم أن يوفقه الرحمن ليُديم على ذلك حتى يلقى الله، لقوله صلى الله عليه وسلم:
    {أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ}
    (رواه مسلم وأبو داود عن عائشة رضي الله عنها)
    فالسعيد من وفَّقه الله بالصلاة على حبيب الله ومصطفاه صباحاً ومساءاً حتى يلقى الله فيحظى بالشفاعة العُظمى يوم الجمع الأعظم،
    ويكون داخلاً الجنة بشفاعة رسول الله.
    = أما من يريد أن يكون بجواره في الدار الآخرة، وأن يكون بجواره في مقامه في جنة النعيم،
    فهذا عليه في هذه الأيام وغيرها أن يقتدي بهديه، وأن يقتفي أثره في أخلاقه، وأن يتشبه به في كل أوصافه
    حتى يكون صورة مُصغرة من الحبيب في هديه وسمته، فقد قال صلى الله عليه وسلم:
    إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ، وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا، الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا، الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ }
    (الطبراني والبيهقي عن جابر بن عبد الله)
    فيراجع المرء نفسه في هذه الأيام على أخلاق الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتمّ السلام،
    ولو كل يومٍ يراجع خُلقاً من أخلاق حضرته ويُراجع بصدقٍ مع نفسه هذا الخُلق الكريم،
    * فإذا كان فظاً غليظاً في التعامل مع غيره، نظر إلى قول الله في حبيبه:
    (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ)
    (159- آل عمران)
    فيجاهد نفسه لمحو الفظاظة والغلظة من عنده، ويجاهد نفسه ليتشبّه بالحبيب في شفقته ورقته ورحمته بالخلق أجمعين،
    * وإذا كان شديداً في معاملته لأهله وذويه يقيس نفسه بأخلاق الحبيب:
    {خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي}
    (ابن حبان والترمذي عن عائشة رضي الله عنها)
    فيُغير هذا الخُلُق، ويُغير هذا الطبع، ويجاهد نفسه للتطبع والتخلق بأخلاق حبيب الله ومصطفاه، ليحظى بالشرف العظيم،
    وأن يكون يوم القيامة في الموقف العظيم في جواره وفى الجنة من الأخيار الأطهار الذين يُسكنهم الله عزَّ وجلَّ في جواره
    هذا نذرٌ يسير في كيفية شكر الله عزَّ وجلَّ على البشير النذير والسراج المنير.
    وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلمّ

بشريات النبوة لأهل هذا الزمان

الحمد لله رب العالمين .. الحمد له الذي تولانا بعنايته، ونظر لنا أمة الحبيب برعايته، 
وجعلنا في الدنيا موضع قربه ومودته، وجعلنا في الآخرة - كما وعدنا - أسبق الناس إلى جنته.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يُدبر فيُحكم التدبير، ويُقدر فيُحكم التقدير، ولا يُطلع على تدبيره ولا تقديره أحداً، 
لكنه أعلمنا بأن تدبيره وتقديره لنا لطفٌ وخيرٌ دائم، فهو بالمؤمنين لطيف وخبير.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبدُ الله ورسولُه، النبيُّ الصفيّ، التقيُّ النقي، الذي أخبرنا الله أنه أولى بنا من آبائنا وأمهاتنا وأنفسنا، 
وأشفق علينا وأحنى علينا وأرحم بنا من كل شيء في هذه الحياة الدنيا،لأنه كما قال فيه ربه:
(بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (128- التوبة)
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد واثبتنا جميعاً في أهل شفاعته، وضُمنا جميعاً في كشوف المصاحبين له في جنتك، 
واجعلنا أجمعين من المشمولين بدعوته لأمته في آخر الزمان، حتى نعيش أيامنا في الدنيا في خير واطمئنان، 
ونخرج إليك في أبهى الشوق يا رحمن.
صلِّ الله وسلم وبارك على هذا النبيِّ سيدنا محمد وآله وصحبه، وكل من التف حوله، ومشى على هديه إلى يوم الدين، 
وعلينا معهم أجمعين ... آمين .. آمين .. يارب العالمين
إخواني جماعة المؤمنين:
كلنا يتابع الفضائيات والإذاعات، والصحف بمختلف أنواعها والمجلات، وبعضنا يتابع النت، 
ومن شدة شغفه بمعرفة الأخبار يشترك بتليفونه المحمول لتصل إليه الرسائل ليل نهار، 
حتى صرنا جميعاً في حيرة، وكثير من الأُمة أصابها الإحباط، والبعض أصابه الاكتئاب، والكل يقول: 
بعد أيام لن نجد رغيف عيش نأكله، وبعد حين من الدهر لن نجد في الأسواق شيئاً نشتريه! 
لِما تحمله لنا الأخبار بتعقيدها وتهويلها من أخبار!!!
وأنا ألوم إخواني جميعاً، هلا طالعتم أخبار هذا الزمان في أحاديث سيد ولد عدنان؟!!!
لقد جرى نهج المسلمين في كل زمان ومكان، إذا حيرتهم أفكار المتحدثين والكاتبين والمشنعين والمهولين 
أن يرجعوا إلى أحاديث سيد الأولين والآخرين التي تتحدث عن هذه الفترة من الزمان، 
ليعلموا قدر هذه الأمة عند حضرة الرحمن، وعناية الله لها في كل وقت وآن.
أبشروا أمة الحبيب، فإن الله جعل لنا نبيًّا – صلوا عليه وسلموا تسليما – كان حريصاً على الأمة حرصاً بالغاً في دنياها إلى يوم الدين، 
وفي أخراها في الموقف العظيم والحساب حتى يطمئن عليهم في جنة النعيم.
فأما الآخرة: فكان لا يكف عن الدعاء، ويطيل في الصلاة ويقول: 
يارب أمتي أمتي، وقرأ قول الله عزَّ وجلَّ عن نبيِّ الله إبراهيم لأمته - والأنبياء جميعا حريصون على أمممهم:
(رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (36 - إبراهيم) 
يطلب من الله أن يغفر لهم، وقول الله في شأن عيسى بن مريم مع أمته:
(إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (118 - المائدة) 
فأخذ يضرع إلى الله، ورَفَعَ يَدَيْه ِوَقَالَ:
اللَّهُمَّ، أُمَّتِي .. أُمَّتِي، وَبَكَى، فَقَالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟
فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَسَأَلَهُ، فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ،
فَقَالَ اللَّهُ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلا نَسُوؤُكَ
 }
(مسلم وبن حبان عن عبد الله بن عمرو) 
ولكنه لم ينته عن ضراعته، ولم يكف عن دعاءه لمولاه، حتى أراحه اله فأنزل له في شأننا في كتاب الله:
(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) (5 - الضحى) 
وبعد نزول هذه الآية اجتمع أصحاب حضرة النبي في مسجده المبارك، وعملوا حفلاً فاخراً، 
فرحاً بفضل الله، وبمنة الله التي أنزلها لهم على حبيبه ومصطفاه، 
منهم من خطب موضحاً قدر هذه المنة، 
ومنهم وهو حسان بن ثابت الذي عبَّر عن رأيه في هذه المنة - بكلام حكيم من الشعر فقال:
سمعنا في الضحى (ولسوف يعطي) *** فَسَرَّ قلوبَنا ذاك العطاءُ
وكيف يا رســـول الله ترضـى *** وفينا من يُعذَّبُ أو يساءُ

لن يرضى وواحد من أمته في النار، حتى يشفع له إلى الله، ويستنقذه بعفو من الله، ويُخرجه ويُدخله الجنة، 
ويطمئن على أمته أجمعين.
أما في الدنيا: فقد كان صلى الله عليه وسلم يُصلي تارة بالليل، وتارة بالنهار، وتارة في الضحى، وتارة في المساء، 
وتارة في جوف الليل، ويطيل الصلاة، ويدعو الله جل في علاه، فيسأله صَحبه: ما هذا يا رسول الله؟ وما هذه الصلاة؟ فيقول:
{إِنِّي صَلَّيْتُ صَلاةَ رَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ}
(صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد عن سعد بن أبي وقاص)
ويدعو لأهل هذه الأمة في الصلاة، بماذا دعا؟!! قال صلى الله عليه وسلم:
إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا،
وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ
-أى الذهب والفضة- 
وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لأُمَّتِي أَنْ لا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ،
وَأَنْ لا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ
 - أى جماعتهم - 
وَإِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ: إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لأُمَّتِكَ أَنْ لا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ،
وَأَنْ لا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا،
أَوَ قَالَ: مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا
}
(صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي عن ثوبان بن يجدد)
أبشروا فليس هناك مجاعة ولا قحط مهما اشتد الغلاء، ومهما زاد الوباء، ببشرى السماء لسيِّد الرسل والأنبياء صلى الله عليه وسلم، 
ولن يسلط الله علينا عدواً من سوى أنفسنا، مهما كثر أعدائنا، 
ولكنه منع عنه واحدة وهي أن يكون بأسنا بيننا شديد.
وتعددت الدعوات بعد ذلك، يقول صلى الله عليه وسلم:
سَأَلْتُ اللَّهَ ثَلاثًا، فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ، وَزَوَى عَنِّي وَاحِدَةً،
سَأَلْتُهُ أَنْ لا يَبْعَثَ عَلَى أُمَّتِي عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَجْتَاحَهُمْ، فَأَعْطَانِيهِ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لا يَبْعَثَ عَلَيْهِمْ سَنَةً تَقْتُلُهُمْ جُوعًا، فَأَعْطَانِيهِ،
وَسَأَلْتُهُ أَنْ لا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ، فَرَدَّهَا عَلَيَّ
}
(مسند الإمام أحمد وصحيح بن خزيمة عن معاذ بن جبل)
يسأل الله ثلاثاً، فيستجيب الله اثنتين ويبقى واحدة، يسأل الله أربعاً، فيستجيب الله ثلاثاً وتبقى واحدة، 
والواحدة في كل الأحاديث هي الواحدة: (أن لا يجعل الله بأسهم بينهم)
فقد كفانا الله عزَّ وجلَّ كلَّ همٍّ نحمله في هذا الزمان، وكل معضلة نشك في حصولها أو نتوقع وقوعها في هذا الوقت والآن، 
فلن يستطيع أهل الكفر - وإن اجتمعوا - أن يتغلبوا علينا، لأن هذا وعد الله عزَّ وجلَّ، 
ولن يستطيع أهل الشرك - مهما حاصرونا - أن يقضوا علينا بالجوع، ومهما حاصرونا بالحروب المائية أن يمنعوا عنا قطر السماء، 
بل كل مسلم معه مفتاح يأتي بالماء، إذا صلى ركعتين لله سُنَّة الاستسقاء، فإن الله عزَّ وجلَّ يُغيثه بالماء 
في أى موضع من أرض الله، وتلك سُنَّة الله عزَّ وجلَّ التي لا تتخلف.
لكن المشكلة التي حدَّدها لنا النبيُّ في هذا الزمان هي: الفرقة، وأن يكون بأسنا شديد، 
الخلافات بين الإخوة المؤمنين، والتنافس في الحطام الداني، والتنافس في الرئاسات، والتنافس في الانتخابات، 
والتنافس في الإمساك برؤس الأموال للسيطرة على الحياة الاقتصادية،
والرغبة في الإحتكار، والاحتكار منهي عنه في شرع النبي المختار، وقال فيه صلى الله عليه وسلم:
مَنِ احْتَكَرَ، فَهُوَ خَاطِئٌ }
(صحيح مسلم وسنن الترمذي وأبي داود عن معمر بن أبي معمر )
أى أنه أخطأ طريق الجنة!!
فمن معهم مال ويشترون الدولارات من السوق ليحتكروها ويُغلون على خلق الله فقد أخطأوا طريق جنة الله، 
ومن يخبئون الأقوات ليعلوا سعرها، وليسيطروا على سوقها ويكسبون أضعافاً مضاعفة من ثمنها فقد أخطأوا طريق الجنة، 
ومن يريدوا أن ينفردوا بالاستيراد حتى يتحكموا في السوق ويُغلوا الأسعار كما يريدون فقد أخطأوا طريق الجنة. 
وهذا ليس نهج المؤمنين، ولا سبيل المسلمين، بل هو باب حرَّمه الله، 
ونوَّه عنه بأحاديثه الصريحة سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم.
فالفُرقة هي: الداء الوحيد الذي حذرنا منه في هذا الزمان، 
ولذا ينبغي على كل مسلم حريص على دينه، حريص على وطنه، حريص على بلده، حريص على إخوانه المؤمنين، 
أن يمد يده لإخوانه المؤمنين لنجتمع جميعاً على كلمة سواء، ونجتمع على الأصول التي أنزلها لنا الله، 
ثم بعد ذلك نترك الخلافات إلى حين، حتى يُصلح الله شأننا، ويُذهب الله المشكلات من مجتمعنا، 
ثم بعد ذلك نجلس سوياً لنصل إلى كلمة سواء، توحد صفوفنا في الأراء التي نفترق فيها، 
وفي الخلافات التي يشتد الرأى فيها، 
لأنها كلها خلافات على أشخاص، وليست خلافات على كتاب الله، ولا على سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم 
قال صلى الله عليه وسلم:
{َيَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ لا يَكُونُ فِيهِ شَيْءٌ أَعَزُّ مِنْ ثَلاثٍ: دِرْهَمٌ حَلالٌ، أَوْ أَخٌ يُسْتَأْنَسُ بِهِ، أَوْ سَنَةٌ يُعْمَلُ بِهَا}
(الطبراني عن حذيفة بن اليمان)
أو كما قال: {ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة }
-------------

الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، الذي والانا بفضله، وأكرمنا بوسعة دينه، وجعلنا جميعاً من أهل شرعه ودينه
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عليه وحده صلاح الأحوال، وجمع القلوب، 
وتفريق المنافقين والمشتتين والمفرقين، لأنه وحده على كل شيء قدير.
وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، إمام الهدى، وكاشف الرَدَى، 
وشمس الدُجى التي تسطع في القلوب، فترفع عنها كل غم وكل رين وكل أذى.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على هذا النبي، واعطنا الخير، وادفع عنا الشر، ونجنا واشفنا 
وانصرنا على أنفسنا وعلى أعدائنا يارب العالمين.
إخواني جماعة المؤمنين:
وضع الله عزَّ وجلَّ في قرآنه الكريم قاعدة قرآنية لأمة النبي 
إذا مشوا عليها لن يعذبهم الله في الدنيا بزلازل، ولا بخسف، ولا بمسخ، ولا بقذف، 
ولا بجوع، ولا بقحط، ولا بعدو من سوى أنفسهم إذا ساروا على هذه القاعدة، 
ما هذه القاعدة؟
(وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)
(33 - الأنفال)
علينا في هذه الآنات أمرين اثنين - دروع واقية أنزلها لنا الله تُحصننا من فتن هذا الزمان، 
وتجعلنا وإخواننا وأهل بلدنا جميعاً في أمان:
الدرع الأول: أن نعمل بشريعة النبي العدنان .. (وَأَنتَ فِيهِمْ)بشريعتك وسنتك وسيرتك وأوصافك الكريمة،
فإذا عملنا بشرع الله وحكَّمناه فزنا جميعاً بتوفيق الله ورعاية الله عزَّ وجلَّ.
الدرع الثاني: لزوم الاستغفار، أن نداوم على الاستغفار لله عزَّ وجلَّ، 
والاستغفار يقول الله في روشتته في كتاب الله مبيناً فوائده لعباد الله:
(اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا)
(10- نوح) 
يضمن النجاة في الآخرة لأنه يغفر للمستغفرين، 
وفي الدنيا حاجات الإنسان، إما لمال، وإما لولد، وإما لمطر من السماء،
وإما لمعيشة طيبة تتوق إليها نفوسنا جميعاً نكون فيها في خير حال،
وذلك كله بابه وكنزه الاستغفار:
(يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا. وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا
(11، 12- نوح) 
وماذا وراء ذلك من الدنيا؟!.
بالإضافة إلى أنه إذا نظرت إلى قول الله: (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ
إذا جاء المدد مع المال كان فيه البركة، فالقليل يُغني عن الكثير، 
وإذا جاء المدد مع الولد كان باراً بأبيه، مطيعاً له في كل الأحوال، لا يغيظه، ولا يشق عصا الطاعة عليه، 
ولا يهجره، ولا يتركه، ولا يجفوه لأنه جاء مدداً من الله عزَّ وجلَّ لهذا العبد المؤمن، 
ولذا أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم وقال:
مَنْ لَزِمَ الاسْتِغْفَارَ، جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ }
(سنن أبي داود وابن ماجة ومسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عباس) 
ولزم أى داوم على الاستغفار، ألسنا جميعاً في همٍ الآن؟! ألسنا جميعاً في ضيقٍ الآن؟! 
لِمَ لا نلجأ إلى الله ونستغفر الله؟! وقد كان الحبيب المجاب الدعاء يقول:
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ، فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَأَسْتَغْفِرُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّة }
(صحيح مسلم وسنن أبي داود ومسند الإمام أحمد عن الأغر المزني)
النبي يستغفر إلى الله في اليوم مائة مرة، ونحن لا نُحرك اللسان بالاستغفار ولو مرة!! 
والاستغفار لا يحتاج ضرورة إلى وضوء، ولا إلى التواجد في المسجد، ولا إلى الإتجاه للقبلة، 
فيجوز أن أستغفر وأنا أسير في الطريق، أو وأنا في المواصلات، أو وأنا مضطجع أستعد للنوم، 
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيمن يستغفر عند النوم:
مَنْ قَالَ حِينَ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ
غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ، وَإِنْ كَانَتْ عَدَدَ وَرَقِ الشَّجَرِ،
وَإِنْ كَانَتْ عَدَدَ رَمْلِ عَالِجٍ وَإِنْ كَانَتْ عَدَدَ أَيَّامِ الدُّنْيَا
 }
(سنن الترمذي ومسند الإمام احمد عن أبي سعيد الخدري)
لماذا لا تختم صحيفة يومك بالاستغفار للعزيز الغفار عزَّ وجلَّ؟! 
نحن يا أمة الحبيب نحتاج في هذ الوقت العصيب إلى الاستغفار.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شحت السماء بالماء، 
وأخبروه أن الزرع والضرع أوشك على الهلاك والجفاف، خرج بهم لصلاة الاستسقاء، 
كان يبدأ معهم أولاً بالتوبة إلى الله والاستغفار، ثم بعد ذلك يُصلي بهم صلاة الاستسقاء، 
ويقول صلى الله عليه وسلم كما روى عن عمر بن العزيز:
ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة }
(مجموع فتاوى بن تيمية)
فتوبوا إلى الله ... وأديموا الاستغفار لله ... وبعد ذلك تخيروا الأوقات التي يستجيب الله فيها الدعاء، 
وادعوا الله بصلاح الحال لبلدنا، وبصلاح الحال لرجالنا، وبصلاح الحال لكل أهلينا وأولادنا وبناتنا، وعدم تمكن الأعادي جميعاً منا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

إصلاح الأفراد والمجتمعات بأخلاق الإسلام

  إصلاح الأفراد والمجتمعات بأخلاق الإسلام خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ فوزي محمد ابوزيد الحمد لله رب العالمين أنعم علينا بالقرآن وهدانا أعظم...